اطروحة (ماجستير) - جامعة القاهرة - معهد البحوث والدراسات الأفريقية - قسم النظم السياسية

استعرضت الدراسة طبيعة الأوضاع التي كانت تشهدها دولة جنوب أفريقيا والتي أدت إلى ميلاد حالة من الاستعمار متفردة خاصة بها دون غيرها من مستعمرات العالم الأخرى: حيث اتخذ الاستعمار صورة من صور النزوح الجمعي التدريجي إلي الأرض البكر وبصورة تدريجية يبدأ النازح في التداخل في الحياة مع سكان الأرض المنزوح إليها ثم المشاركة مع أصحاب الأرض الطبيعين ويستمر التسلل والتوغل بصورة أو بأخرى تتخذ الاتجاة السلمي الناعم حينا والاتجاه القمعي الوحشي حينا آخر: إلى أن يفاجأ أصحاب الأرض الأصليين بفقدانهم السيطرة علي مقدراتهم وثرواتهم: بل وتحولهم إلي مواطنين من درجة متدنية في مجتمع يسيطر عليه غريب وافد لا علاقة له بالمكان أو التاريخ. بل يصل الأمر غالبا إلى صيرورته مقموعا مضطهدا غريبا في ما كانت فى وقت سابق أرضه وبيته. لقد ضرب الزنوج على طرفي العالم من أمريكا شمالا إلى أفريقيا جنوبا مثالا رائعا في مقاومة الاستعمار فقد أدرك الأسود أنه لا يواجه استعمارًا تقليديًّا وأن عليه أن يحمل سلاحه في المواجهة سواء علي أطراف المدينة أو هروبا في شوارعها. لقد أدركوا أن الاستعمار الحقيقي يكمن بداخلهم ويسيطر على عقولهم ويشل حركتهم ويكبح طموحاتهم ويُبقيهم قانعين مقموعين في أركان مظلمة بعيدة: فإذا ما أرادوا التحرر فلا مناص من أن يتحرروا من داخلهم أولا. ولا مناص من أن يدركوا ويؤمنوا أولا بقيمتهم وقيمهم وقدراتهم، إنهم بشر مثل الجميع ويستحقون الحياة مثل الآخرين. إنهم ليسوا عارا: وهم أقوياء قادرون علي صنع حياتهم وصياغة مستقبلهم.

صدر ايضا كقرص مدمج