اطروحة (دكتوراه) - جامعة القاهرة - كلية الحقوق - قسم القانون المدنى

إن نظرية الإثبات من أهم النظريات القانونية و أكثرها تطبيقاً في الحياة العملية: سواء ما كان منها في المسائل المدنية أو التجارية أو الجزائية: لأن احترام قواعد هذه النظرية يحقق مصلحة الجماعة و المساواة بين المتقاضين: فيثبت الحق المتنازع فيه بمجرد إقامة الدليل عليه: عبر وسيلة إثباته التي غالبا ما تكون شرطاً لإثبات الواقعة القانونية التي أنشأت هذا الحق. و لقد تطورت أدلة الإثبات عبر الزمن تطوراً بالغاً: ففي المراحل الأولى لوجود البشرية كانت وسائله محدودة تعكس حياة البشر البدائية: و أما في العصر الحديث: و بما عرفته التكنولوجيا: فتأثرت هذه الوسائل و أصبح جزءاً منها يعتمد عليها: و بفضل العلم و تطور الفنون و الاكتشافات و الاختراعات التي طرأت وأدت إلى ابتداع الكتابة و الرسم و التصوير و تسجيل الصوت و البصمات و فحوصات الدم المتنوعة هائلة الدلالة: تأثرت أدلة الإثبات: فبعد أن كان الحق يندمج مع القوة و يحيا بها دون محل لاعتماد الأدلة و البينات في المرحلة التي سبقت تأسيس القضاء: أصبحت أساليب البينات و تنوع طرق الإثبات في أي دولة من علامات رقيها و عظمتها. و رغم قيام الحق متى توافرت أركانه و شرائطه دون توقف على أدلة إثباته: إلا أن دليل الحق يعدل عملياً الحق نفسه عند إنكاره: فالحق عديم الفائدة لا يمكن حمايته من طرف السلطة العامة؛ إذا عجز صاحبه عن إثبات وجوده: و القاضي لا يجد مفراً من أن يقضي بالحق لمن كان بيده الدليل من بين المتداعين: بغض النظر إن كان صاحبه أم لا: و عليه كان الاهتمام بأدلة الإثبات: لأنها الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحق وابعاد الناس عن الادعاءات الباطلة {u٢٠١٣} و التي نظمها المشرع بالقوانين ذات الصلة: فبها يتحقق حفظ الحقوق و رد المظالم: و هي المعيار في تمييز الحق من الباطل: و الصحيح من الفاسد: و الهدى من الضلال

صدر ايضا كقرص مدمج